مما لا شك فيه أن الكثير من الممتحنين يواجهون صعوبة كبيرة في التعامل مع مادة الفلسفة ، باعتبارها مادة حديثة بالنسبة لنا - نحن المقبلين على شهادة البكالوريا . فهي تنطوي على الكثير من الالتباسات و الغموض وصعوبة فهم بعض الدروس و المقالات اللامتناهية مما جعلها كابوسا ينفر منه معظم الطلاب . ولأني مترشحة مثلكم واجهت بعض الصعوبات في كيفية التعامل معها . لكني لم أستسلم ، وحاولت كثيرا حتى توصلت إلى الطريقة المثلى التي تضمن العلامة الجيدة بإذن الله تعالى ، له الحمد والشكر قبل كل شيء فما بلوغي هذا المستوى إلا بتوفيق منه .
اليوم أضع بين أيديكم هذه الطريقة على أمل أن تنير خطاكم ، بشرط أن تكونوا جادين وأن تتحلوا بالصبر ، فمن أردا بلوغ شيء أصر عليه وصبر .
الجانب النفسي : له دور كبير في سهولة أو صعوبة التعامل مع المادة ، وألخص التهيئة النفسية في النقاط التالية :
أولا : " يجب الشعور بالحب تجاه المادة ، فإن أحببتها تعلقت بها ، إرتحت لها ، وبالتالي توجهت إليها كثيرا ـ وإن كرهتها نفرت منها الدهر كله ."
ثانيا :" إنزع من فكرك الأفكار التشاؤمية تجاه المادة ، كقول : أنا مستحيل أفهمها ، لا يمكن أن أتحصل على 15 أو 16 .. دعني منها لن أدرسها .. وعوضها بقول : الفلسفة مادة ممتعة وشيقة ، أحب الفلسفة ، لا أخاف منها "
ثالثا : "من غير المعقول أن تقول لا أفهم مادة الفلسفة و تستمر في تكرارها حتى تتولد في ذهنك عقدة من كلمة فلسفة وأنت لم تجرب حتى بذل أقل مجهود وكأنك حكمت على نفسك بدون حكم"
إذا يجب إزالة العقدة النفسية تجاه المادة أولا ، لتكون مستعد للجانب العملي ثانيا .
صحيح أن لكل شخص طريقته ، وربما البعض سيقول : لا يمكن أن أفعل مثلها ، لكن حقيقة ، أي شخص يمكن أن يتبع طريقتي العملية فهي ليست بالشيء الصعب أبدا – لكن تستدعي الإصرار والصبر والقدرة على التحمل ، ونعلم جميعا أن التفوق لا يأتي عبثا وإنما بعد عناء و صبر طويل . إليكم الجانب العملي :
أولا :مادة الفلسفة = فهم ( 80 بالمئة ) + حفظ ( 20 بالمئة ) . الحفظ لا يعني شيئا بدون فهم إطلاقا . لو حفظت مقالة عن ظهر قلب بدون فهم ونسيت جزء أكيد لا يمكن أن تكمل بأسلوبك . وعلى النقيض لو فهمت مقالة جيدا و حفظت ونسيت يمكن أن تعبر بدون قيود لأنك فهمت تلك المقالة سابقا و مما لا شك فيه أن ذهنك مستوعب لكثير من المعلومات ولك أن توظفها بكل حرية .
ثانيا : أنا أعتمد شخصيا على المقالات و ليس على الكراس . طبعا المقالات من طرف أستاذي جزاه الله خيرا + مقالات أخرى من النت . لأني وجدت الكراس يحوي دروسا و عناصر الدرس لنفهم ما تدور حوله المقالة . لكن أنصح بالمقالات المدعمة بالأقوال كمرجع وليس الكراس لأن المقال أشمل لجميع عناصر الدرس + تتعلم منه المنهجية . ولدي شخصيا 65 مقالة ككل .
ثالثا : في كل مجال ، حدد المقالات التي يمكن أن تطرح في إمتحان البكالوريا .
مثال : لو نتحدث عن المنطق : حسنا أعلم أن المنطق هو عدو لكل ممتحن و معظمكم لا يفهمه و ينفر منه كثيرا لتعقيده . لكنه صراحة أسهل درس بالنسبة لي . والسبب ؟ بسيط ، هو أني إستوعبته .
المنطق نوعان : صوري ومادي . الصوري ينطبق مع نفسه أما المادي ينطبق مع الواقع .
أنواع الأسئلة الخاصة بالمنطق :
قارن بين المنطق الصوري والمادي ؟
هل المنطق الصوري آلة منتجة أم عقيمة ؟
هل تطابق الفكر مع نفسه كاف لعدم وقوعه في الخطأ ؟
هل يمكن إعتبار قواعد المنطق معيار الفكر الصحيح ؟
بإختصار هذه هي الأسئلة المتوقعة في درس المنطق . لا أقول أنه يجب حفظها جميعا ، لا . بل فهم المقالة الأشمل وهي هل تطابق الفكر مع نفسه كاف لعدم وقوعه في الخطأ ؟ ، ثم في المقالات الأخرى يمكنك التعبير لكن في حدود ما طلب منك . لكن عموما نتحدث عن المنطق من تعريف ، أهمية ..
رابعا : لا بد من معرفة المنهجية معرفة دقيقة وأن تلتزم بها . فهي كفيلة بجعل مقالتك منظمة وكلما إتبعت المنهجية كانت نقطتك أكبر/ وكما نعلم هناك أربع أنواع ، مقالة جدلية ، مقارنة ، استقصاء بالوضع أو بالرفع يجب معرفة منهجية كل طريقة معرفة جيدة خاصة الثلاثة الأولى فهي التي تأتي بكثرة .
خامسا : لكل مقالة خصص على الأقل 4 أقوال . و بعض الأمثلة من الواقع . لأن أقوال الفلاسفة و الأمثلة هي التي تثري مقالتك ، فالمقالة الخالية من الأقوال و الأمثلة جوفاء ولن تضمن لك علامة جيدة .
بعد الجانب النفسي و العملي : نأتي لطريقتي في التعامل مع أي مقالة .
كيفية التعامل مع مقالة ما :
_ الجلوس في المكتب باعتدال وليس التمدد على السرير كما يفعل الأغلبية حينها لن تركز وستحفظ بدون فهم وستنسى و النسيان مشكلة الجميع .
_ توفير ما يلي :
قلم رصاص
.Marqueur أقلام الـ
مطوية أقوال الفلاسفة .
_ البسملة : ذكر إسم الله أي نقول : بسم الله عند البدء فما توفيقك إلا بفضله .
_ قراءة المقالة مرتين إلى 4 مرات بتأني و تركيز وتمعن .
_ نبدأ في فهم المقالة و أولها المقدمة ولا نستخف بها ، فكلما كانت مقدمتك عميقة كلما أعطت للمصحح نظرة حسنة عن فهمك و دقتك . و نلون الكلمات أو الجمل المفتاحية بالماركور و نحاول ترسيخها في ذهننا .
_ ننتقل للعرض : نفس الشيء نلون الجمل المفتاحية + ندعم الجمل بالأقوال إن غابت بشرط أن تتماشى وفق معنى الفكرة وذلك بكتابتها بقلم الرصاص بجوار الفكرة حتى يتسنى لنا تذكرها عند المراجعة .
_ نكرر قراءة الجمل المفتاحية + نحفظها ولهذا قلت سابقا 20 بالمئة حفظ لأننا نفهم جميع المقالة لكن نحفظ الجمل المفتاحية فقط و أقصد بالجمل المفتاحية : الحجج الخاصة بكل موقف بإختصار و النقد .
_ نتبع نفس الطريقة تجاه الخاتمة والتي تكون كنتيجة لتحليلك في العرض و الأفضل تدعيم الخاتمة على الأقل بمقولة واحدة .
_ بعد الإنتهاء من تحليل المقالة وفهمك لها ، أعد قراءتها . و كلما وجدت وقت فراغ ، أختر مقالة وراجع ما قمت بتلوينه من باب التذكر فقط .
شخصيا : بعد الإنتهاء من مقالة ، أحدث نفسي عما فهمت وكأني أناقش شخصا . والحمد لله أجد نفسي بإمكاني التعبير عن تلك المقالة بدون قيود والسبب فهمي لها + حفظي للحجج و بعض الأقوال .
حللت إلى حد الآن ( شهر مارس) ما يقارب 30 مقالة بدون تكرار الاسئلة أو تشابهها ـ يعني أنهيت برنامج الفلسفة قبل إنهائه في القسم . المقالة الواحدة أقضي معها حوالي ساعتين وأحيانا ساعة . لكن بمجرد الإنتهاء منها أكون قد وفيتها حقها .
حبي الشديد للمادة جعلني أجد الطريقة المثلى للتعامل مع اي مقالة وهي طبعا لم تخدلني .و تحصلت خلال الإختبارين على علامة 16 و 15,5 و الحمد لله .
كيفية فهم مقالة ما :
الأمر سهل جدا ، أولا: يجب فهم ما طلب منك و معرفة صيغة طرح السؤال لتحديد نوع الطريقة التي ستتبعها وفق منهجية محددة .
ثانيا : معرفة رأي كل موقف جيدا + فلاسفته .
ثالثا : قدم تساؤلات ، لماذا ؟ كيف ؟ ستجد الجواب في الحجج و الأمثلة .
إذا ما توصلت إلى معرفة مضمون كل موقف و حججه ، خلاص المقالة إنتهت ، لأنك لست معتمد على الحفظ بل فاهم و مستوعب للقضية المطروحة . و ببساطة الفلسفة دائما فيها طرفين متناقضين . أنت مهمتك تعرف على ماذا تناقضوا وماهي حجج كل طرف . هذا بأبسط مفهوم .
نصيحتي لكل من لم يوفق في الفلسفة :
حاول ، جرب فقط التعامل مع مقالة واحدة ـ ستتولد لديك رغبة شديدة في المزيد و ستحب الفلسفة أكثر يوما بعد يوم بشرط أن تتبع الطريقة و تصبر قليلا . ولما يقترب البكالوريا ، أكيد راجع ما هو ملون فقط فبالجمل الملونة تسترجع جميع المعلومات التي فهمتها و حفظتها من قبل .
سيقول البعض : حتى لو أفعل و أحاول ، سأنسى .. و ..
أنا شخصيا .. هناك مقالات قمت بفهمها بنفس الطريقة ومضى عليها 3 أشهر ، وبمجرد التفكير فيها أجد في ذهني جميع المعلومات عنها ولم أنسى . لماذا ؟ لأني فهمتها ببساطة .
لكن - أكيد - يجب المطالعة من حين لآخر : من باب ترسيخ الأفكار وخاصة الأقوال و الأمثلة .
ملاحظات :
ملاحظة 01 : يمكن الإستعانة بكتاب السامي + الأنيس في الفلسفة ( لونه برتقالي ) . وضرورة التركيز على الأقوال والمنهجية . والفهم قبل الحفظ . هذا هو السر لا غير .
ملاحظة 02 : المقالة الجدلية هي الأشمل ، لأنها تضم جميع الخطوات . لذا عند تحليل المقالات ، من الأفضل تكون جدلية لأنها شاملة . حتى لو أتى السؤال بصيغة غير جدلية يمكن تحويل المعلومات إلى أي طريقة مع معرفة خطوات كل طريقة طبعا .
ملاحظة 03 : أنت لست مضطر تنقل المقالة كما حفظتها ، ولن تفعل أصلا لوكنت فاهم . وبذلك مستحيل تكتب مقالة كتبها غيرك و تجيب شبهات وكذا .. سيكون التعبير بالأسلوب الخاص مع توظيف ما فهمت وماحفظت من حجج و أقوال . السر هو أنك تقدر تعبر بدون قيود وهذا ما سيشير إلى فهمك وليس حفظك فبمجرد نسيان كلمة رح تعبر من تلقاء نفسك و يمكنك الخروج عن الموضوع وبالتالي العلامة واضحة كيف ستكون . عكس لو كنت فاهم مستحيل تخرج عن الموضوع .
ملاحظة 04 : سأشير إلى أمر ما : البعض يتساءل هل نكتب : طرح الإشكالية ثم محاولة حل الإشكالية ، الموقف الأول .... الجواب هو : لا
مثلا : في المقدمة أي طرح الإشكالية ، نترك مربعين و ندخل مباشرة في صميم الموضوع ..
لما نصل لمحاولة الحل نفس الشيء نترك مربعين ونقول : يري أنصار الموقف الأول وعند النقد نقول : لكن تعرض هذا الموقف إلى انتقادات أهمها : ..
بإختصار كل ما نصل إلى حالة إنتقال إلى عنصر آخر نترك مربعين بحيث يكون ترابط بين ما سبق و ما سنعرضه.
كانت هذه ملاحظاتي ، ونقلتها لكم لعلها تفيدكم .
كان هذا العمل لوجه الله وبسبب كثرة التساؤلات حول مادة الفلسفة لم أبخل عليكم إخواني طريقتي لعلها تسدد خطوات كل متعثر نحو طريق النجاح في المادة ويمكن إتباع نفس الطريقة في مواد الحفظ كالإجتماعيات فالحفظ وحده سيخذلك الفهم قبل كل شيء . وماهذا إلا بتوفيق من الله تعالى وأرجوا أن تدعوا لي أن أوفق و أتحصل على المعدل الذي أريده .